محتويات
آداب توزيع الأضحية على المحتاجين في العيد
تعتبر ذبيحة الأضحية في عيد الأضحى من الشعائر الدينية العظيمة في الإسلام، حيث يسعى المسلمون من خلالها للاقتراب من الله تعالى. إنها تجسيد لسنة النبي إبراهيم -عليه السلام- الذي أُمر بذبح ابنه، ليُقدِّم الله له فداءً منه، مما يعزز في قلوب المؤمنين الصبر وطاعة الله، وتجسيد لعمق المحبة له سبحانه وتعالى.
الأضحية تُعد وسيلة مهمة لدعم الفقراء والمحتاجين، حيث يقوم المسلم بذبح الأضحية من الأنعام ويقوم بتوزيع لحمها على المعوزين كما جاء في القرآن الكريم، حيث ورد في قوله تعالى: “فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ”. ومن هنا، يتبع المسلمون مجموعة من الإرشادات التي وضعها الإسلام، التي تُعبر عن آداب توزيع الأضحية، والتي تشمل ما يلي:
إخلاص النية لله تعالى
يتوجب على المؤمن الذي يقوم بالتضحية أن تكون نيته موجهة خالصة لله سبحانه وتعالى، حيث يضحي بهدف مساعدة الفقراء والقرب من الله، بدلاً من الرياء أو الفخر. وكي يتحقق ذلك، يجب مراعاة النقاط التالية:
- النية هي جوهر الأعمال الصالحة، حيث ينال المؤمن جزاء عمله بناءً على نواياه. وقد حذر الرسول -صلى الله عليه وسلم- من توجيه النية لغير الله، مؤكداً أن الرياء يمكن أن يحبط العمل. وقد أشار النبي في الحديث الشريف: “أخشى ما أخشاه عليكم هو الشرك الأصغر!”.
- يتعين على المؤمن الحرص على سلامة نيته وعدم السعي لنيل المدح أو المجد من خلال أعماله، بل ينبغي أن يكون عمله متماشياً مع تعاليم الله وشريعته، كما أكد أبو أمامة -رضي الله عنه- عندما سأل أحدهم عن القتال في سبيل الحصول على الأجر والمدح، فأجاب رسول الله بأن ذلك لن يجني شيئًا ولم يؤجر عليه.
- إن الله -عز وجل- لا يقبل إلا ما كان خالصاً لوجهه الكريم، حيث يجب أن يتوجه المؤمن إلى الله بنية صادقة.
- من المهم تقديم الأضحية للفقراء والمحتاجين إيفاءً للواجب والانتصاف لله وتعاليم الدين الإسلامي.
منع نقل الأضحية من موطنها
- يحظر نقل الأضحية من مكان ذبحها إلى مكان آخر، كما هو الحال في زكاة الأموال، ولا يجوز نقلها لمسافة تقترب من مسافة القصر في الصلاة، إلا إذا كان المكان المقصود هو الأكثر احتياجًا، فيجوز حينها ذبحها في ذلك المكان.
- وفقًا للآراء الشافعية والمالكية، يُسمح بنقل أموال الزكاة لمسافة أقل من القصر من موطن المال، بينما يُحظر نقلها لمسافة القصر.
الاحتساب في كل ما يُنفِق المسلم
- يجب على المؤمن الصالح أن يحتسب عمله عند الله -سبحانه وتعالى- لتحصل أعماله على القبول.
- تُضاعف مكافآت المؤمن عن الأعمال الصالحة في الدنيا والآخرة، وبالتالي فإن الصدقة التي تمنح بحب لله لا تنقص من المال، إذ قال أبو هريرة: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: “ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله”.
- كلما قام المؤمن بفعل شيئٍ طائعٍ لله –سبحانه وتعالى– وأحتسبه عنده، ينال أجرًا عظيمًا. فقد قام رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالاحتساب للأضحية التي كان يُقدِّمها، وفي قضية ذبح شاة، سُئل عن جزء الشاة المتبقي، فقالوا له إنه لم يتبقى منها سوى الكتف، فرد النبي بأنه لم يتبقى منها سوى الكتف فقط.
تقديم ما يحب المضحي للمحتاجين
- يجب على المؤمن أن يُضحي مما يفضل ويحب، ليُسهم بذلك في تقديم الخير للمحتاجين، مما يؤكد عزمه على إرضاء الله. وقد ذكر الله -عز وجل- في كتابه: “لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ”.
- ينال المؤمن أجرًا كبيرًا عند أداء الأعمال الخيرية لله -سبحانه وتعالى- حيث تكون النية الصادقة والعمل الحسن والمُتقن هي الأساس.
آداب أخرى لتوزيع الأضحية على المحتاجين في العيد
عدم المبالغة فيما يُقدم
- ينبغي على المؤمن أن يتذكر أن الله هو الذي منحَه المال والقدرة على التضحية، وبالتالي فإن شكره واجب.
- إن النعم الإلهية أكبر من الأعمال البشرية، ومن ثم فإن الله يُجزئ العبادة بأضعاف مضاعفة.
شكر الله على نعمة الأضحية
- يجب على المؤمن التحلي بالتواضع وعدم التفاخر بما قدَّمه، فالله هو القادر على كل شيء، وعليه أن يشكر الله على نعمة الأضحية.
- بواسطة الشكر، تدوم النعم، ويجب على العبد أن يعبر عن شكره لله، كما ورد في قوله تعالى: “واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن تخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون”.
المسارعة بتوزيع الأضحية قبل حدوث الموانع
- يجب على المضحي أن يكون واعيًا لأي موانع قد تمنعه من تحصيل جزاء الأضحية، لذا من الأفضل التوزيع قبل حدوث العراقيل.
- ينبغي على المؤمن القيام بتوزيع الأضاحي سنوياً، حتى تكون لديه القدرة على مساعدة أكبر عدد من المحتاجين. قال الله -عز وجل-: “وَأَنفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّي لَوْلَا أَخَّرتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ”.
- يجب تجنب أي شيء يُبطل ثواب الأضحية مثل تقديم المساعدة مع المن والأذى، وينبغي مراعاة مشاعر المحتاجين أثناء تقديم الأضحية.
توزيع الأضحية على الأشد حاجة
- من الضروري أن تُعطى الأضحية لمن هم في أمس الحاجة، والأقارب أولى من غيرهم، حيث قال الله تعالى: “وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله، إن الله بكل شيء عليم”.
الابتسامة عند توزيع الأضحية
- لا بد من إضفاء روح الفرح عند توزيع الأضحية عن طريق الابتسامة، إذ أن ذلك يُعزز من الروح الطيبة وينشر الألفة بين الناس.
- تترك كلمة طيبة وابتسامة أثرًا جيدًا في نفس المحتاج، مما يشعره باحترام وكرامة تجاه ما تلقاه.
زيادة الإنفاق في سبيل البر
- زيادة الإنفاق تدعم وفرة الثروة، وتقرب المسلم من الله، مما يجلب البركة للعائدات. كما تسهم في الحصول على الأجر والثواب المضاعف.
- كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “في كل يوم يشرق فيه العباد، ينزل ملكان، يقول أحدهما: اللهم أعط من ينفق خلفا، ويقول الآخر: اللهم أعط من يمسك تلفا”.