نقدم لكم القصيدة البديعة لصفي الدين الحلي، التي تجسد جمال فصل الربيع بشكل رائع، حيث تعد قصيدة “ورد الربيع، فمرحبا بوروده” واحدة من أجمل القصائد التي تناولت مظاهر هذا الفصل وما يتسم به من أجواء متنوعة وطبيعة خلابة.
الشاعر صفي الدين أبو الفضل بن سرايا الحلي الطائي، هو أحد أبرز شعراء عصره وأبرزهم في أسلوب الكتابة والطلاقة اللغوية. وُلد الشاعر في قرية الحلة بالعراق ونشأ بها، حيث اتجه إلى عالم التجارة في وقت لاحق من حياته.
تجول الحلي بين بلاد الشام والعراق ومصر لأغراض التجارة، ولكنه كان دائم العودة إلى وطنه، ومثلت موهبته الشعرية منارة أضاءت بالكثير من القصائد الخالدة التي نتداولها اليوم.
على الرغم من أن الكثير من الشعراء قد تناولوا وصف الربيع، إلا أن قصيدة “ورد الربيع، فمرحبا بوروده” تبرز باعتبارها واحدة من أجمل الأوصاف للربيع، حيث عبرت بكلمات رائعة عن جمال هذا الفصل والأجواء المبهجة والطبيعة الخضراء التي تكسو الأرض، مما ينقل شعوراً بالسلام إلى قلوب الناس. وفيما يلي، نستعرض لكم القصيدة الكاملة “ورد الربيع، فمرحبا بوروده” التي تصف الربيع بتفاصيله الدقيقة.
محتويات
قصيدة صفي الدين الحلي في وصف الربيع
قصيدة ” وَرَدَ الرَّبيعُ، فمرحَباً بوُرُودِهِ “
وَرَدَ الرَّبيعُ، فمرحَباً بوُرُودِهِ وبنُورِ بَهجَتِهِ، ونَوْرِ وُرُودِهِ
وبحُسنِ مَنظَرِهِ وطيبِ نَسيمِهِ وأنيقِ ملبسهِ ووشي برودهِ
فصلٌ، إذا افتخرَ الزمانُ، فإنهُ إنسانُ مُقلَتِهِ، وبَيتُ قَصيدِهِ
يُغني المِزاجَ عن العِلاجِ نَسيمُهُ باللطفِ عندَ هبوبهِ وركودهِ
يا حبذا أزهارهُ وثمارهُ ونباتُ ناجمهِ، وحبُّ حصيدهِ
وتَجاوُبُ الأطيارِ في أشجارِهِ كَبَناتِ مَعبَدَ في مَواجِبِ عُودِهِ
والغصنُ قد كُسِيَ الغَلائلَ، بعدَما أخَذَتْ يَدا كانونَ في تَجرِيدِهِ
نالَ الصِّبَا بعدَ المَشيبِ، وقد جَرَى ماءُ الشبيبة ِ في منابتِ عودهِ
والوردُ في أعلى الغصونِ، كأنهُ ملكٌ تحفّ بهِ سراة ُ جنودهِ
وكأنما القداحُ سمطُ لآلىء ٍ، هو للقضيبِ قلادة ٌ في جيدهِد
والياسَمينُ كعاشِقٍ قد شَفّهُ جَورُ الحبيبِ بهجرهِ وصدودهِ
وانظرْ لنرجسهِ الشهيّ كأنهُ طرفٌ تنبيهَ بعدَ طولِ هجودهِ
واعجبْ لأذريونهِ وبهارهِ، كالتبر يزهو باختلافِ نقودهِ
وانظُرْ إلى المَنظُومِ من مَنثُورِهِ متنوعاً بفصولهِ وعقودهِ
أو ما ترى الغيمَ الرقيقَ، وما بدا للعَينِ من أشكالِهِ وطُرُودِهِ
والسّحبُ تََعقُدُ في السّماءِ مآتماً والأرضُ في عُرسِ الزّمانِ وعيدِهِ
ندبتْ فشقّ لها الشقيقُ جيوبهُ وازرَقّ سَوسَنُها للَطمِ خُدودِهِ
والماءُ في تيارِ دجلة َ مطلقٌ والجِسرُ في أصفادِهِ وقُيُودِهِ
والغيمُ يحكي الماءَ في جريانهِ والماءُ يحكي الغيمَ في تجعيدهِ
فابكُرْ إلى رَوضٍ أنيقٍ ظِلُّهُ فالعيشُ بينَ بسيطهِ ومديدهِ
وإذا رأيتَ جَديدَ روضٍ ناضرٍ فارشفْ عتيقَ الراحِ فوقَ جديدهِ
من كفّ ذي هيفٍ يضاعفُ خلقُه سُكرَ المُدامِ بشَدوِهِ ونَشيدِهِ
صافي الأديمِ تَرَى، إذا شاهَدتَهُ تِمثالَ شَخصِكَ في صَفاءِ خُدودِهِ
وإذا بَلَغتَ من المُدامَة ِ غايَة ً فأقلِلْ لتُذكي الفَهمَ بعدَ خُمودِهِ
إنّ المُدامَ، إذا تَزايَدَ حَدُّها في الشّربِ، كان النّقصُ في محدودِهِ