تعد مخاطر البلاستيك على البيئة من القضايا الحيوية التي تستدعي اهتمامنا العاجل، حيث أصبح البلاستيك جزءًا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، سواء في شكل نفايات أو كأدوات نستخدمها في الطهي ومتطلبات الحياة الأخرى. وقد أثبتت دراسة عديدة الأضرار الفادحة التي يمكن أن يسببها البلاستيك على الصحة العامة والبيئة. لذا فإنه من الأهمية بمكان إدارة هذه المخلفات بشكل مدروس والتوعية بخصائص المواد التي نستخدمها لتفادي المخاطر المحتملة. في هذا المقال، سنستعرض بالتفصيل مختلف جوانب البلاستيك، بما في ذلك استخداماته الخاطئة وأثره السلبي على البيئة.
محتويات
صناعة البلاستيك
البلاستيك أو اللدائن يعد مادة قابلة للتشكيل بسهولة وقد استخدمت منذ فترة الثورة الصناعية، حيث تفوقت هذه الصناعة مع مرور الزمن وأصبحت معرفة واحدة من أبرز الصناعات في عصرنا الحديث. نستفيد من البلاستيك في مجالات متعددة بحياتنا اليومية سواء في المنزل، أو في الأماكن العامة، أو في أماكن العمل. تكون المواد الأولية المستخدم في صناعة البلاستيك مستخلصة أساسًا من البترول والغاز الطبيعي والفحم، وأهم الدول المصنعة له تشمل الولايات المتحدة الأمريكية واليابان، حيث تعتمد هذه الصناعة بصورة رئيسية على توفر موارد البترول.
تأثير البلاستيك على صحة الإنسان عند تعرضه للحرارة
للأسف، يتجاهل كثيرون المخاطر الصحية المرتبطة باستخدام البلاستيك لتخزين المواد الساخنة، مثل الطعام والشراب. تشير الأدلة العلمية إلى أن البلاستيك يتفاعل مع الحرارة، خصوصًا إذا احتوى على مادة “الديوكسين”، مما يؤدي إلى نتائج صحية سلبية وخيمة. فهذه التفاعلات قد تسفر عن تسرب مواد ضارة إلى الأغذية، مما يعرض الإنسان لخطر الإصابة بأمراض مزمنة.
تعتبر مادة “الديوكسين” محفزًا رئيسيًا للإصابة بمشاكل صحية عديدة، مثل مرض السكري والعقم لدى الجنسين، كما أظهرت الدراسات أنها ترتبط بتشوهات خلقية في الأجنة لدى بعض الحيوانات، وتؤثر سلبًا على الغدد الصماء، مما ينتج عنه فوضى هرمونية وكذلك مشاكل جلدية وأمراض في الرئة والجهاز المناعي.
تأثير البلاستيك على البيئة البحرية
تتعرض البيئة البحرية لتهديد جسيم بسبب المخلفات البلاستيكية، التي تؤدي إلى خلل في التوازن البيئي. تتمثل إحدى أبرز مشاكل البلاستيك في أنه مصمم للعيش طويلاً، وهو ما يجعله مقاومًا للعوامل الطبيعية للتحلل. نتيجة لهذا، يتجمع حوالي 10 ملايين طن من البلاستيك في قاع المحيطات والبحار سنويًا، ويتوزع هذا العبء بصورة كبيرة بين 13 دولة آسيوية.
يموت عدد كبير من الأسماك والكائنات البحرية نتيجة تواجد هذه النفايات، حيث تفشل في التخلص منها قبل أن تؤدي إلى الوفاة. وعبر الزمن، تتفكك هذه المخلفات البلاستيكية إلى جزيئات صغيرة، مما يلوث أنسجة الأسماك ويؤدي إلى أضرار جسيمة عند استهلاكها من قبل البشر.
تعد السلاحف البحرية من أبرز ضحايا المخلفات، إذ تستهلك الأكياس والزجاجات عن طريق الخطأ برفقة غذائها، مما يؤدي إلى انسداد في جهازها الهضمي ويعرضها للموت. كما تتأثر أيضًا الفقمات والحيتان والكائنات البحرية الأخرى بالمخلفات البلاستيكية.
تأثير البلاستيك على الحياة البرية والطيور
يكون لطيور النورس النصيب الأكبر من النفوق بسبب النفايات البلاستيكية، إذ تشير التقارير إلى أن 98% من هذه الطيور تحتوي على أجزاء بلاستيكية خطرة في جهازها الهضمي، مما يؤدي مع الوقت إلى تدمير هذه الأنسجة. كما تحتوي بطون العديد من الحيوانات على نسب من المخلفات البلاستيكية، مما يساعد في نقل الأمراض إلى جسمها، وبالتالي إلى الإنسان عند تناول هذه الكائنات. وفقًا للإحصاءات، فإن كيسًا واحدًا من البلاستيك قادر على قتل طائر كل ثلاثة أشهر بسبب الاختناق.
علاوة على ذلك، فإن حرق الأكياس البلاستيكية يساهم في انبعاث غازات سامة تؤثر سلبًا على الغلاف الجوي، مما يؤدي إلى زيادة المركبات العضوية في الهواء، وبالتالي يؤدي إلى اضطرابات بيئية. وتترك الغازات الناتجة عن حرق البلاستيك آثارًا ضارة على الغدد الصماء، وكذلك الرئتين، وكل خلية من خلايا الكائنات الحية، بما في ذلك الإنسان والحيوان والنبات.
تأثير البلاستيك على التربة
تتسبب النفايات البلاستيكية التي لا تتحلل في تدهور التربة وفقدان خصوبتها على المدى البعيد، حيث تترسب مادة الديوكسين الضارة في التربة. كما تمنع زجاجات البلاستيك وغيرها من المخلفات النباتات والأعشاب من النمو، مما يحجب الضوء عن التربة، مما يؤدي إلى تدهور صحتها وإتلاف الكائنات الحية الدقيقة فيها، وبالتالي حدوث خلل في التوازن البيئي. ومع الوقت، تساهم هذه المشكلات متراكمة في اختلال النظم البيئية بسبب عدم تحلل البلاستيك.
مخاطر العمل في مصانع البلاستيك
يتعرض العاملون في مصانع البلاستيك لمخاطر صحية جسيمة، حيث يتم إطلاق مواد متفاعلة خلال عمليات التصنيع، مما يؤثر سلبًا على صحتهم ويزيد من خطر الإصابة بالأمراض على المدى الطويل. وقد أظهرت الأبحاث أن الأشخاص الذين يعيشون بالقرب من هذه المصانع يعانون من معدلات أعلى من الأمراض. كما يسهم الدخان الناتج عن عمليات صناعة وحرق البلاستيك في تلوث المناطق المحيطة، وقد يؤدي هذا التلوث إلى ولادات مبكرة للنساء الحوامل. وقد أظهرت الدراسات أن الأطفال الذين يولدون بجوار مصانع البلاستيك يتعرضون لمشاكل ناتجة عن الأبخرة السامة التي قد تؤثر على صحتهم أثناء الحمل.
لقد قامت عدة دول بالفعل بخفض استخدام البلاستيك واستبداله بالورق المقوى القابل لإعادة التدوير والتحلل بسهولة، ولكن المشكلة لا تزال قائمة في بعض الدول النامية، حيث يظل استخدام البلاستيك واسع الانتشار دون اتخاذ خطوات فعالة لحلها. إذا استمر الوضع على هذا المنوال، فإن ذلك قد يؤدي إلى تدمير بيئتنا الطبيعية بشكل مقلق.