محتويات
أنواع العلمانية
تعتبر العلمانية حركة اجتماعية تعكس مبادئ تسلط الضوء على أهمية الإنسان والثقافة في المجال السياسي، وتعني عملياً إبعاد الدين والمعتقدات الدينية عن السياسة. يُعرف هذا المبدأ بمقولة “السياسة بلا دين”.
يعتبر النظام العلماني واحداً من أبرز الأنظمة التي تُعنى بالإنسان وقيمه، حيث يقوم هذا النظام على أساس سلوكي وأخلاقي يقوم على مبدأ عدم التمييز بين الأديان والمعتقدات، مع التركيز على الحفاظ على الحياة المدنية بعيدة عن الدين، وتجنب إدماج الدين في أنشطة الحكومة.
تتعدد الطرق والأساليب التي يتم من خلالها تطبيق العلمانية، وهي تتفاوت بحسب الثقافات والمجتمعات المختلفة، لكن جميعها تسعى إلى تحقيق الهدف الرئيسي الذي تستهدفه. تنقسم العلمانية إلى عدة أنواع تغطي جوانب مختلفة من الحياة:
العلمانية السياسية
- العلمانية السياسية تشمل مجموعة من الأيديولوجيات والسياسات التي تهدف إلى فصل الشؤون الدينية عن الحقل السياسي، وتعمل على إبعاد الدين عن عمل الحكومة.
- تشير هذه الظاهرة إلى نظام يُطبق لإبعاد الدولة عن القضايا الدينية بطرق متنوعة، وصولاً إلى تحقيق هدف واحد.
- الهدف من هذا النظام هو حماية الدولة من الانقسام الديني، وليس مناهضة الدين أو الإلحاد، بل هي تعالج القضايا الدينية التي تسعى للتأثير في المجتمع أو الحصول على نفوذ حكومي.
العلمانية الفلسفية
- تُعرف العلمانية الفلسفية بالإنجليزية “Philosophical secularism”، وتهدف إلى قبول ودراسة الآراء والأفكار والنشاطات التي تنتقد الدين.
- تُعتبر هذه الأنظمة منصة لاستيعاب كافة الآراء النقدية المتعلقة بالدين والسلطة الدينية، مما يمنح الأفراد حرية التعبير عن آرائهم.
العلمانية الاجتماعية الثقافية
- العلمانية الاجتماعية الثقافية تُعرف بالإنجليزية “Socio-cultural secularism”، وهي من أكثر أنواع العلمانية انتشارًا حيث تركز على الشؤون الإنسانية والاهتمامات الدينية في الحياة اليومية.
- تُعتبر هذه الظاهرة تاريخية وديموغرافية، تركز بشكل أساسي على اهتمامات الأفراد بالدين والدنيا، وتبتعد عن المعتقدات والطقوس الدينية.
مراحل العلمانية
مرت العلمانية بعدة مراحل رئيسية أدت إلى نشأتها وتأسيسها، ويمكن تقسيمها إلى ثلاث مراحل أساسية هي:
مرحلة التحديث
- تعتمد هذه المرحلة بشكل كبير على تعزيز التفكير النافع الذي ظهر في جوانب الحياة المختلفة، حيث أصبحت الزيادة المستمرة في الإنتاج الهدف الغالب لتحقيق وجودنا.
- وبهذا، بدأت الدولة العلمانية في تبني هذا النظام على كافة الأصعدة لتحقيق هدف زيادة الإنتاجية.
- كما تم اعتماد الفلسفة المادية والعلمية في ذلك الوقت، حيث ابتعدت عن القيم التقليدية.
- نتيجة لذلك، بدأ يظهر العديد من المصطلحات والنظريات الجديدة، مثل النظريات الأخلاقية والمادية التي تدعو لتنظيم الحياة.
مرحلة الحداثة
- تمثل هذه المرحلة انتقالًا قصيرًا في تاريخ العلمانية، حيث ساد الفكر النفعي وأثّر بشكل عميق في شتى جوانب الحياة.
- واجهت الدولة تحديات جديدة ظهرت مع صعود النزعات الوطنية.
- شهدت هذه المرحلة استبدال الاحتلال العسكري بأشكال جديدة من الاستعمار السياسي والاقتصادي والثقافي نتيجة التحولات الاقتصادية التي تهدد سيادة الدولة.
مرحلة ما بعد الحداثة
- تعتبر هذه المرحلة النهائية للنظام العلماني الذي يسعى لتحقيق نظام خالٍ من الدين والمعتقدات الدينية، مع الابتعاد عن دمج الدين في الحكومة.
- شهدت هذه الفترة زيادة معدلات العولمة، حيث تحولت القضايا العالمية إلى مشكلات مثل حماية البيئة والمساواة بين الجنسين.
- ومع تطور القضايا والحقوق، وخاصة المساواة بين الجنسين، نتج عن ذلك ضعف بعض المؤسسات الاجتماعية التقليدية وزيادة حالات الطلاق.
- رغم نجاح النظام في مجالات عدة، إلا أنه تسبب أيضًا في تأثيرات سلبية على المعايير الاجتماعية، بسبب التقدم التكنولوجي الذي أتاح خيارات جديدة لم يكن بالإمكان الوصول إليها سابقًا.
مبادئ العلمانية
تعتمد العلمانية على مجموعة من المبادئ الجوهرية التي تشكل أساس نظامها، والتي تشمل:
- الاعتماد على تفسير الواقع من خلال القوانين وتنظيم حياة الإنسان، وهي تشكل الأساس المادي للنظام.
- تمثل فلسفة النظام العلمي إجراء التجارب المنهجية على كافة جوانب الحياة، حيث يعتمد على الشك وعدم الاعتماد على أي شيء حتى استيفاء العلوم التجريبية اللازمة، وليس فقط العلوم التجريبية بل تشمل أيضًا علم الاجتماع والسياسة والنفس.
- ينبغي الإعراض عن الإيمان بالغيبيات والتخلي عن الميتافيزيقا، مما يعزز مصداقية النظام.
- يسعى النظام إلى فصل الدين عن الشؤون السياسية، بالإضافة إلى عزل المعتقدات الدينية عن الأمور الاجتماعية، إذ تعتبر العلاقات الدينية تربط الفرد بخالقه بشكل حصري.
مستويات العلمانية
تمر العلمانية بثلاث مستويات مختلفة تُعبر عن مدى تأثيرها بالمؤثرات الخارجية والصراعات المتعلقة بدور الدين، وهذه المستويات هي:
- العلمنة المجتمعية: تعكس هذه المستوى تجسيد العلمانية الاجتماعية التي تسعى لتنفيذ برامج تسعى الأحزاب السياسية لدعمها.
- العلمنة الفردية: حيث تهدف إلى إزالة الدين من مختلف جوانب الحياة، بحيث يتمتع كل فرد بحرية تكوين معتقداته وممارساته بعيدًا عن الدين، من خلال نظام يفرز معنى الفرد بشكل مستقل.
- العلمنة التنظيمية: تعكس هذه المستوى مدى نجاح النظام في تحقيق أهدافه، ومدى تكيف الكيانات الدينية مع المجتمع العلماني ومدى فاعلية تطبيقه وكيفية تأثيره على جوانب الحياة.